ثمّن المشاركون في الجلسة الأولى من المجلس الرمضاني المشترك للمكتب الإعلامي لحكومة الشارقة ومؤسسة الشارقة للإعلام، دعوة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، التي أطلقها سموه مؤخراً للمحطات التلفزيونية المحلية للاهتمام بالمبدع المحلي ودعم أعماله، مما يؤدي إلى تطوير تجربته وتراكم خبراته والأمر الذي ينعكس على الدراما المحلية في تقديم أعمال مميزة منافسة باعتبار الفنون سلاحاً قوياً لدعم المجتمع.
حضر الجلسة الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي رئيس مجلس الشارقة للإعلام، وطارق سعيد علاي مدير المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة، والفنان أحمد الجسمي وعدد كبير من الدراميين والعاملين في المجالات المسرحية والثقافية والإعلاميين.
قدّم المشاركون في الجلسة أمس الأول عدة أطروحات للدراما بوصفها موئلاً للقضايا الوطنية، في محاولة للوقوف على طرائق «التوظيف الدرامي للقضايا الوطنية»، وهو عنوان الجلسة التي شهدت نقاشاً عميقاً بين الدكتور حبيب غلوم المسرحي والمستشار الثقافي في وزارة الثقافة وتنمية المعرفة، وإسماعيل عبد الله رئيس جمعية المسرحيين والأمين العام للهيئة العربية للمسرح، ومرعي الحليان الكاتب الصحفي والمسرحي المعروف، والدكتور حمد الحمادي الكاتب الروائي ومؤلف رواية «ريتاج» التي تحوّلت إلى المسلسل الشهير «خيانة وطن»، وأدار الجلسة الإعلامي عبد الله الشويخ.
المناقشات في باكورة جلسات المجلس الرمضاني الذي يستضيف فعالياته مسرح المجاز بالشارقة، لم تكن بهدوء المكان فالقضية مثار النقاش تهم الجميع، لذا كان لا بد من العصف الذهني الذي ابتدره حبيب غلوم، مشيراً إلى تجربته في مسلسل «خيانة وطن» الذي عرض ضمن برمجة الموسم الرمضاني في العام الماضي، وقال غلوم إن المجتمع الدرامي استبشر خيراً بعد مسلسل «خيانة وطن» لأنهم اعتبروه فتحاً جديداً للدراما المحلية، وأن المسلسل بالطرح الجديد الذي طرقه فتحَ خطاً للدراما، وكنا نراهن على أنها فاتحة خير، ولكن ما زالت الدراما الإماراتية تحتاج الكثير.
وقال غلوم: «هذا الخط الجديد الذي طرقته الدراما المحلية للمرة الأولى جعل الجميع من العاملين في المسلسل يعملون باجتهاد وإخلاص أكبر حتى يخرج المسلسل بصور جيدة تمثل نقطة تحولٍ في اتجاهات الدراما بشكل عام، على الرغم من أن الدعم كان عادياً مثل بقية الأعمال».
وأضاف:«يجب النظر بصورة عامة إلى ضرورة إعطاء الأولوية للقضايا الوطنية دائماً، لأن الخوف بعد دخول المنتج التجاري أن تتحول هذه القضايا، وتدخل في المجال التجاري. نحن الآن نبحث عن الجديد في الدراما، وما زال هناك الكثير من القضايا نحتاج إلى طرقها عبر الأعمال الدرامية، ومسلسل «خيانة وطن» كان مشاهداً من الجميع لأنه كان مختلفاً، بعيداً عن التكرار الذي نشاهده واجترار الأفكار، ولذا أكرر يجب أن نستثمر هذا الفتح الجديد لتقديم أشياء أكثر وبصورة مختلفة».
وتحدث الدكتور حبيب غلوم عن أهمية الدعم الحكومي لقطاع الدراما والذي يحقق العديد من النقاط الإيجابية لصالح التنمية المجتمعية.
ودعا الدكتور حبيب غلوم إلى وضع الدراما ضمن أجندة الدولة التنموية مثل بقية القطاعات، وبدون ذلك لن يكون هناك تطوير للحركة الفنية الثقافية.
ويرى إسماعيل عبد الله، أنه لا يمكن أن تجد القضايا الوطنية حظها من المعالجة الدرامية قبل أن تجد الدعم من المحطات التلفزيونية، عبر الالتفات للدراما كسلاح وطني يمكن عبره الذود عن الهوية والمكتسبات الوطنية وهزيمة القوى الظلامية التي تعصف بنا من كل جانب.
وأشار عبد الله إلى أن مثل هذه المبادرات المتعلقة بتوظيف القضايا الوطنية ينبغي أن تأتي من التلفزيونات الوطنية التي يجب أن تمتلك استراتيجيات واضحة للعمل الدرامي ولا تكتفي بالاعتماد على مشروعات المنتجين، مشيراً إلى أنه في هذا الصدد لا بد من شكر مؤسسة الشارقة للإعلام على إعادتها للدراما الإماراتية إلى الواجهة، قائلاً: «نثق بتلفزيون الشارقة في قيادة قافلة المحطات في الدولة لدعم المنتج الدرامي المحلي.
ونوه عبد الله بضرورة تطوير المضمون عبر الكاتب الواعي والصادق الذي يغوص في أعماق مجتمعه ليقدم عملاً درامياً تتمثل فيه القيمة الكبيرة لهذا المجتمع المملوء بالرموز والشخصيات والتجارب التي يجب أن تقُدمّ ليتابعها الجيل الجديد، ويتعرف إلى تاريخه وحضارته.
وأضاف: الدراما لن تتطور وتنافس خارجياً إلا بالدعم وإعطاء الفرصة لها للظهور. وهناك الكثير من الشباب الموهوبين من الأجيال الجديدة الذين هم خير من يكتبون عن واقعهم وقضاياهم ورؤاهم المختلفة ولكنهم لا يجدون الدعم والاهتمام. ولذا لا بد من وجود مؤسسات تتبنى الشباب بشكل حقيقي، ويجب أن نتحدث دوماً عن المُنتجْ الذي يجب أن يتم تقديمه، فهناك الكثير من القضايا الوطنية التي لم تأخذ حقها، والعمل الدرامي الوطني يجب أن يكون شاملاً، ومتكاملاً في كافة جوانب العمل الدرامي من تقنيات وتصوير وإخراج وغيرها، لأن الأجيال الجديدة تبحث عن شيء جديد في الطرح وفي التناول والتقديم، والمشاهد لديه حاجة يجب أن يجدها، ولذلك يتحوّل إلى مشاهدة الأعمال الأخرى لمختلف الدول حتى وإن لم تلامس قضايا مجتمعه.
إخراج المنتج المحلي وتقديمه بطريقة محترفة متكاملة، يعتبر السبيل الوحيد حسب عبد الله للوصول إلى العالمية، مشيراً إلى أن هذا الأمر يتطلب بحثاً عميقاً، ووعياً وثقافة وتجارب متراكمة، إلى جانب وضع معايير مختلفة تماماً لتصنيع الدراما المحلية، وهو الدور الذي يجب أن تضطلع به التلفزيونات المحلية عبر منحها فرصاً أكبر للدراما المحلية.
مرعي الحليان، بدأ حديثه في المجلس، من ضرورة تقديم أعمال درامية أكثر شمولية للأجيال الجديدة فيما يتعلق بتقديم القضايا الوطنية وتاريخ الدولة، مشيراً إلى أن المجتمع الإماراتي لديه الكثير الذي يمكن أن يقدّم من خلال الأعمال الدرامية، إلا أن تقديم كل هذه الموضوعات يحتاج إلى الوقوف على فلسفة وفكر المجتمع المحلي، وعند توظيف مثل هذه القضايا لا بد من الالتفات للجيل الجديد وتقديم أعمال خاصة به، وهي الأعمال التي يجب أن تراعي اختلاف طريقة تفكيرهم، وطرائق تعاطيها مع الأشياء.
ويرى الحليان أن الدراما نفسها تحتاج إلى التطوير، فما زلنا نمضي على ذات المستوى القديم، حتى على مستوى التقنية والتصوير والمعالجة الفنية، مشيراً إلى أن الشباب يشاهد أحدث الأساليب في السيناريو والصورة من خلال دراما متعددة تواكب تطورهم التقني. وتابع:«نحن أمام مجتمع متطور جداً في الجوانب العلمية والتقنية، ولكن هذه الشخصية الموجودة في المجتمع لا نراها في الأعمال الدرامية. يجب تقديم الوجه الحضاري المتطور والشخصية الإيجابية لإنسان هذا المجتمع ليراها الآخرون».
ويختتم الحليان حديثه مشيراً إلى ضرورة الالتفات إلى الاستعانة بكتّاب سيناريو شباب، لأنه إذا نظرنا للرواية الخليجية فسنجد فيها موضوعات كثيرة يمكن أن تتحوّل إلى أعمال درامية، خاصة عقب الطفرة الكتابية التي شهدتها الرواية، إلا أن كل هذه الأعمال تحتاج لمن يحوّلها إلى سيناريوهات مميزة.
وقال الدكتور حمد الحمادي: «المفهوم الوطني الذي يجب أن يتعامل به أهل الدراما هو الاستراتيجية التي تضعها الدولة، هناك أمور كثيرة تحتاج الدراما إلى البحث فيها والتعبير عنها، اجتماعية وصحية وتنموية لأن القضايا الوطنية كثيرة، ويجب على المنتجين والدراميين التحرك وسيجدون الدعم من الجهات الرسمية». وفي ختام المجلس قام الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي بتكريم الرعاة والمشاركين.
The post فنانون وكتّاب: الدراما سلاح في مواجهة قوى الظلام appeared first on الامل نيوز.
from الامل نيوز http://ift.tt/2rCpgmp
via IFTTT
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق